قرطاج (المنظومات التربوية العربية) – في إطار دعم المجهودات التي تبذلها الدول العربية، والمساهمة في النهوض بتدريس العلوم في المنظومات التربوية العربية، ينظم – تحت رعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم- المركز الدولي للتكوين التربوي ورابطة الجامعات العربية والفرنسية، اجتماعا تمهيديا للملتقى العلمي الإقليمي حول تدريس العلوم في المنظومات التربوية العربية: الواقع والآفاق” وذلك خلال يومي 7 و8 أبريل الجاري بالمركز الوطني لتكوين المكوّنين بقرطاج /تونس، بالشراكة مع عدة جامعات ومراكز تربوية عربية وأوروبية.
وتشير الدراسات الحديثة إلى تدنّي اهتمام طلاب التعليم الثانوي في الدول العربية بالعلوم (فيزياء، كيمياء، رياضيات، علوم الأحياء، علوم الأرض والفلك،) وتراجع مشاركتهم في الأنشطة العلمية والبحثية. وإذا كان هذا التدني يلاحظ في كثير من دول العالم، فهو أشد خطورة في الوطن العربي. فتقرير التنمية البشرية العربية لعام 2003، التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي: “بناء مجتمع المعرفة”، يكشف أن ما بين سنتي 1990 و1995، لم تكد تتجاوز نسبة الطلاب في التخصصات العلمية في التعليم العالي في مجموعة من اثنتي عشرة (12) دولة عربية 2٪ (بل هي قريبة من 0٪ في اليمن وأكثر قليلا من 5٪ في الأردن). بينما كانت تناهز 20٪ في جمهورية كوريا في نفس الفترة.
وقد أكدت تقارير وبحوث المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم هذا التراجع، بالرغم من الدعوات المتكررة داخل البلدان العربية إلى الرفع من عدد الخبراء والباحثين لتمكين بلدانهم من منافسة الاقتصاديات الأخرى لتصبح كيانات معرفية أكثر منافسة وديناميكية في العالم. وفي حال استمرّ هذا العجز الفادح في المتخصصين في العلوم ولم يتم تفاديه، فستكون له على الأمدين المتوسط والبعيد، انعكاسات سلبية على قدرة البلدان العربية على الابتكار في الصناعة والبحوث، الذين هما يمثلان مجالين حيويين في التنمية الاقتصادية والعلمية .
وعلى الرغم من أنّ أسباب تراجع اهتمام الطلاب بالعلوم الصحيحة كثيرةومعقدة، إلاّ أنّ بعض الأدلة تشير إلى أن العامل الرئيسي لهذا التراجع يرتبط ارتباطا وثيقا بأساليب تدريس العلوم، التي أثبتت عدم نجاعتها، مما يستوجب وضع منهجية جديدة لزيادة الاهتمام بالعلوم والخيارات العلمية لدى الطلاب خاصة في مراحل التعليم الثانوي من خلال مقاربة تدريس العلوم استنادا إلى التحقيق والاستقصاء. فالمقاربة التقليدية في تدريس العلوم تركّز على الجانب المتعلق بـ “ما نعلم” من المعارف والعلوم، في حين تهتم مقاربة التحقيق والاستقصاء بالجانب المتعلق باستكشاف العلوم أي “كيف نعلم / ونتعلّم”. فهذه الأخيرة تساعد إذا على فهم الظواهر والنواميس العلمية وطبيعة العلم ذاته. وقد أكدت بعض الدراسات الحديثة في علوم التربية فعالية هذه المقاربة، ومدى رواجها في بعض الأنظمة والمؤسـسات التربوية التي انتهجتها، بفضل ارتباطها الوثيق بالحياة اليومية للطلاب واندراجها في سياق حقيقي وملموس يعيشه الطالب.
ويهدف الملتقى الإقليمي المزمع عقده في m.gouja@cifop.net يومي 7 و 8 أبريل 2015 بالمركز الوطني لتكوين المكونين في التربية بقرطاج، والذي ينظمه المركز الدولي للتكوين التربوي ورابطة الجامعات العربية والفرنسية للتعاون العلمي برعاية المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وبالتعاون مع بعض الجامعات والمراكز التربوية العربية والأوروبية، إلى إثراء النقاش والحوار حول هذه القضية الهامة، والمساهمة في تدارس واقع الإصلاح البيداغوجي المتعلق بتدريس العلوم في المنظومات التربوية العربية، وآفاقه ورهاناته العلمية وانعكاساته على التنمية، وذلك باستضافة مجموعة من الخبراء والباحثين المتخصصين في مجال علوم التربية. كما سيدرس هذا اللقاء بعض التجارب الرائدة للاستفادة منها واستخلاص أحسن الممارسات التعليمية بهدف نشرها وتعميمها في المدارس العربية.
للاستعلام:
د. منير قوجة، مدير التطوير بالمركز الدولي للتكوين التربوي
(m.gouja@cifop.net)