نثر السيرك الأسطوري أفريكا -أفريكا الفرحة بعرضه المثير في مهرجان قرطاج الدولي ليلة أمس 18 جويلية الجاري حيث تحولت جماهير كبيرة العدد تتكون أساسا من العائلات والأطفال إلى المسرح الأثري بقرطاج لحضور عرض هذا السيرك الذي يسحر الألباب في كل عروضه والذي يحل بتونس لأول مرة لتقديم عرضين بمناسبة احتفالاتنا بعيد الفطر المبارك.
وقد أهدى مهرجان قرطاج الدولي في دورته الواحدة والخمسين (الذي أعلن بالمناسبة عن تسعيرة خاصة لفائدة الصغار) هذين العرضين للأطفال الذين حضروا بكثافة العرض الأول وأدخلوا بدورهم البهجة في كامل أرجاء المسرح الأثري بقرطاج بتفاعلهم التلقائي مع لوحات العرض وانبهارهم بالصور وبالرقص وبالإيقاعات وبالملابس المثيرة في انتظار تواصل المغامرة مع العرض الثاني لهذا السيرك الأسطوري الليلة بالمسرح الأثري بقرطاج كذلك.
لا يقدم سيرك أفريكا – أفريكا عرضا تقليديا على طريقة عروض السيرك وإنما حفلا استعراضيا احتفاليا متنوعا يجمع بين الرقص والكوريغرافيا والبهلوانيات واللوحات التقليدية التي تنقل الأجواء الأفريقية بإيقاعاتها وألوانها.
مغامرة سيرك أفريكا -أفريكا تتواصل منذ 20 سنة، وبعد فترة قصيرة انفصل فيها عن المجموعة عاد الفنان متعدد المواهب النمساوي أندري هيللر ليواصل الرحلة وأطلق سيرك أفريكا -أفريكا 2 الذي جاب القارات وحقق نجاحا باهرا في العامين الأخيرين وصفقت له ملايين الجماهير.
يعوّل أندري هيللر على الطاقات الإفريقية بمساعدة جورج ممبويي منسق المجموعة التي تحولت إلى أسطورة حية في عالم الفرجة والإستعراض ويتكون السيرك من عشرات الفنانين والراقصين والبهلوانيين الموهوبين من مختلف البلدان الإفريقية .
انطلق العرض الأول بقرطاج في حدود العاشرة ليلا وانقسم إلى جزئين تفصل بينهما راحة بربع ساعة، وقد انبهرت الجماهير التونسية باللوحات الإفريقية وصفقت مطولا للشباب من البنات والأولاد الذين يتميزون بطاقة كبيرة وبخفة ورشاقة أسطورية وبقدرة هائلة على الرقص والتحرك على الرّكح.
غاص العرض في قلب الأجواء الإفريقية وتوغل في عمق القارة السمراء الثرية بثقافتها المتنوعة وبطقوسها وتقاليدها، توغل في غابات إفريقيا وفي أدغالها وفي تضاريسها المتنوعة حيث طفت على الركح الروح الإفريقية المحبة للحياة وللفن من خلال المشاهد الفرجوية واللباس التقليدي الخاص بعدد من البلدان الإفريقية والرقصات المميزة لا سيّما منها الرقصات الإحتفالية الشهيرة ورقصات إحياء الطقوس الإفريقية على غرار رقصة ” التوتام ” ورقصة استئصال السحر والرقصات المقدسة إلخ، وكان لآلات الإيقاع الإفريقية الشهيرة التام – تام حضور كبير في هذا العرض فإلى جانب الموسيقى المرافقة وأصوات الفنانين الأفارقة الكبار رقص الفنانون على إيقاع التام -التام ولعلنا نشير إلى أن رؤية عازفي التام – تام وهم يضربون بحماس واندفاع على آلاتهم مثيرة بدورها في هذا العرض الفرجوي الكبير.
وبين لوحة راقصة وأخرى يكون الجمهور على موعد مع لوحة بهلوانية أو كوريغرافية جميلة تتحول فيها الأجسام الرياضية المصقولة إلى عجينة طيعة يشكلون بها عدة صور ومشاهد تختطف آهات الجماهير لتعقبها في كل مرة موجة من التصفيق الحار، ومن بين اللوحات العجيبة لوحة الرجل العنكبوت التي يتضاءل فيها جسد الفنان ويتلون بشكل غريب، ومن اللوحات المذهلة والجميلة في آن واحد تلك التي تبرهن فيها الفتيات الرشيقات عن طاقة رهيبة تؤهلهن لتحريك الأوزان الكبيرة بخفة وبدقة متناهية تخطف الأبصار، اللوحات الأكرواباتية أو البهلوانية كانت كذلك ملفتتة للإنتباه ولعل أبرز ما يميز هذه اللوحات رشاقة الأولاد وأجسادهم البلاستيكية وخفتهم وقدرتهم على القفز والارتفاع أيّا كانت درجة العلو ومهما كانت الشبكة الآدمية التي يتم تشكيلها على الركح .
اشتمل العرض كذلك على عرض للأزياء الإفريقية قبل أن ينتهي بخروج الأعلام الوطنية للقارة السمراء وسط تصفيق الجماهير وهتافاتها ووسط رغبة مؤكدة في تكرار التجربة الليلة في مسرح قرطاج الأثري والإستمتاع مجددا بلوحات فنية من إمضاء فنانات وفنانين شباب تنبعث منهم طاقة جبارة وقوة واندفاع وقدرة على نشر السعادة والبهجة إلى درجة الإبهار.