قضّى جمهور مهرجان قرطاج الدولي في سهرة الجمعة 31 جويلية وفي دورته الواحدة والخمسين ليلة من بين أجمل ليالي المهرجان صحبة الفنانة المصرية المتألقة آمال ماهر، فقد عاش المسرح الأثري بقرطاج أجواء جميلة ومنعشة وأدخلت الفنانة البهجة على قلوب جماهيرها الذين ما انفكوا يهتفون باسمها ويغدقون عليها بعبارات التشجيع ويصفقون ويتفاعلون بصدق وبحماس كبير. والحقيقة فإن تجربة الفنانة آمال ماهر التي بدأت مشوار الفن منذ الطفولة والتي سبق لها أن اعتلت مسرح قرطاج الأثري لأول مرة سنة 2006 نضجت كما أنها أصبحت تعتني أكثر بحضورها الركحي وهي عوامل زادتها نجاحا لأن آمال ماهر نجحت منذ البداية في أسر قلوب الجماهير بفضل صوتها الجميل والقوي وقدراتها الكبيرة على الأداء بيسر حتى أن كثيرا من نقاد الفن يعتبرونها الوريثة الشرعية لكوكب الشرق أم كلثوم.
أطلت آمال ماهر على جمهور مهرجان قرطاج الذي استقبلها بترحاب كبير بثوب أسود أنيق لامع وبكعب أسود عال ساهم في إبراز قدها الممشوق وطولها الفارع وقضت كامل السهرة التي دامت حوالي ساعتين تغني وتجوب الركح وتحاول أن تتواصل مع أكبر عدد ممكن من الجماهير وذلك رغم الحرارة الخانقة التي أثرت فيها بعض الشيء بسبب حيويتها وإصرارها على أن تخلق أجواء حماسية في المسرح.
انطلقت سمفونية الأغاني المشكّلة بإتقان والمهداة لجمهور متعطش للفن الطربي بأغانيها الخاصة، فهي في رصيدها ثلاثة ألبومات: “في غير الزمان” و”اسألني أنا” و”إيه بينك وبينها”، ومن بين هذه الأغاني التي أدتها في السهرة “رايح بيا فين” و”سكة السلامة” و”من السنة للسنة” لتغيّر إثرها الموجة وتقدم أغنية “عيون القلب” لنجاة الصغيرة، وكان أداء آمال ماهر للأغنية ببساطة رائعا، فقد انساب صوتها في كامل حلاوته وأدت بإحساس كبير يقارب درجة إحساس الرائعة نجاة الصغيرة.
أدت أمال إثر ذلك أغنية لها “احنا أولاد النهارده” تلتها أغنية سيدي منصور التي قالت إنها مفاجأتها للجمهور التونسي الذي دعته ليتفاعل ويرقص على إيقاعات الأغنية لتكون الاستجابة فورية وقد زادت الأجواء حماسة وافتكت آهات الجماهير عندما اختارت إحدى أجمل أغاني الفنانة الكبيرة الراحلة وردة وهي “وأنا مالي” وقد أدتها آمال ماهر باقتدار واضح لتتحف جمهورها اثر ذلك بأغنية جميلة ورقيقة اشتهرت بها هذه الفنانة منذ بداية ظهورها عربيا وهي ” يا عيني عليك يا طيبة” قبل أن تعود بنا إلى عالم زمن الفن الجميل مجددا وتحيي في الجمهور ذكرى العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ بأدائها لأغنيته الجميلة والصعبة في الآداء ” موعود”.
وكانت آمال كعادتها كلما رددت أغاني العمالقة في مستوى التحدي وربما أكثر فصوتها وإمكانياتها الهائلة وقدرتها على الأداء في مختلف المقامات يجعلها تطوع أي أغنية مهما كانت صعبة المراس على غرار “موعود” وقد حركت هذه الأغنية مشاعر الجماهير التي رددت معها بعض المقاطع وصفقت بحرارة وبطبيعة الحال لم تنقطع الهتافات كامل السهرة.
وقبل أن تنهي العرض بمقاطع من أغنية “ألف ليلة وليلة” لأم كلثوم كانت آمال ماهر قد أدت أغنيتين من رصيدها الخاص وهما “بحبك” و”إيه بينك وبينها” وكانت الجماهير قد طالبت الفنانة المصرية بأداء هذه الأغنية وهي من بين أشهر أغانيها الخاصة.
لم تغادر آمال ماهر الركح إلا بعد أن أضافت مقطعا آخر من أغنية “ألف ليلة وليلة” استجابة لرغبة الجمهور الذي طالبها بالمزيد لتودعه على إيقاع لحن “سكة السلامة” بعد أن مكنت هذه الجماهير المغرمة بالفن الأصيل من أن يعيشوا ليلة من ألف ليلة مفعمة بالفن وبالطرب في حضرة فنانة جمعت بين الموهبة والإطلالة الجميلة على الركح والإمكانيات الصوتية الهائلة.
سهرة أخرى ناجحة تنضم للسجل الحافل من السهرات الناجحة للدورة الواحدة والخمسين الجارية لمهرجان قرطاج الدولي.