المنبر التونسي (بشيرة بن مراد) – بعد طول إنتظار وأخذ ورد وتعطيلات عديدة وغريبة تم بث فيلم “التونسية” ، الذي يؤرخ لمسيرة رائدة في مدينة الثقافة بتونس العاصمة. وقد إنتظم هذا العرض ما قبل الأول بحضور فريق الفيلم يتقدمه المنتج والمخرج المنصف بربوش و الممثلة حليمة داود التي جسدت دور بشيرة بن مراد في آخر مراحل حياتها.
وجاء الفيلم في شكل يمزج بين الوثائقي والدرامي ليروي فصولا هامة و مغيبة من حياة رائدة الحركة النسائية التونسية بشيرة بن مراد.
و قد جاء ثريا بالشهادات الحية التي سلطت الضوء عن دورها في تحرير المرأة من خلال تأسيسها لمنظمة الاتحاد الإسلامي النسائي التونسي.
وهي منظمة سعت للدفاع عن حقوق المرأة في التعليم والشغل والمشاركة في الحياة العامة منذ أربعينات القرن الماضي. و كانت المفاجئة في هذا الوثائقي تتمثل في كشف علاقة المناضلة بشيرة بن مراد بالرئيس الراحل الحبيب بورقيبة الذي دعمته وقدمته لعائلة الباي.. مما جعله يتقدم لخطبتها وهو ما رفضته نتيجة إنشغالها بتربية أبنائها بعد موت زوجها.
و في المقابل كشف الفيلم كيف أقلق طموح بشيرة بن مراد و ما ترسمه من أهداف لتحرير المرأة التونسية منذ فجر الإستقلال الزعيم بورقيبة الذي أراد أن يبقى مشروع تحرير المرأة حكرا عليه، فسعى لإبعادها من الحياة العامة وفسخ نظالاتها من تاريخ الحركة النسائية التونسية…. المزج بين الماضي و الحاضر و حضور الممثلة حليمة داود وصوتها المجسد لكلام بشيرة بن مراد جعل الحضور يرواحون بين الوثائقي والدرامي ويعيشون الأحداث بتأثر كبير .
وهي أحداث جد مشوقة صححت عديد الأخطاء التاريخية الشائعة. لكنه إنتهى بشكل غريب من خلال مشهده الأخير الذي جاء مسقطا ولا علاقة له بسياق الأحداث ولا بمسيرة بن مراد وذالك عندما قاد المخرج الشخصية المحورية لبهو للبرلمان وجسد هذه اللقطات بصور لنائبات حزب النهضة دون غيرهن، مما جعل بعض أفراد عائلة الفقيدة يستاؤون مما إعتبروه توظيفا سياسيا لا بد من تجنبه حتى يبقى الفيلم وثيقة تاريخية هامة. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل سيشاهد الجمهور هذا الفيلم في القاعات أو ستتواصل محاربته كما حاربوا بشيرة بن مراد؟
