خطاب سفير الصين بتونس خلال الندوة الصحفية ليوم أمس الجمعة

0

المنبر التونسي (سفير الصين بتونس) – أهلا وسهلا ومرحبا بكم لحضور جلسة الإحاطة حول ”دورتي الصين السنويتين عام 2023“ التي أقامته سفارة الصين بتونس. قبل بضعة أيام، اختتمت بنجاح الدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصين، والدورة الأولى للمجلس الوطني الـ14 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني. تحتل الدورتان بأهمية بالغة، تعقد في لحظة حاسمة تشرع فيها الصين التنفيذ الكامل، لروح المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصين، والتقدم في المسيرة الجديدة نحو هدف الكفاح عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وحظي بالاهتمام الكبير والمستمر من البلدان في جميع أنحاء العالم ، بما فيها تونس. غرضنا لإقامة جلسة الإحاطة الإعلامية هو مساعدة الأصدقاء من وسائل الإعلام على فهم أعمق للمؤتمر، فضلاً عن اتجاهات السياسة الصينية الاقتصادية والاجتماعية وسياستها المحلية والخارجية.

تكتسي الدورتان هذا العام بأهمية خاصة: أولاً، انتخاب قيادة جديدة لمؤسسة الدولة والقيادة الجديدة لأعلى هيئة استشارية سياسية، وأهمها إعادة انتخاب الأمين العام شي جينبينغ رئيساً لجمهورية الصين الشعبية، ورئيسًا للجنة العسكرية المركزية لجمهورية الصين الشعبية بالتصويت بالإجماع. إنه يعكس احترام ودعم الشعب للأمين العام شي جينبينغ، التماسك والتضامن القوي لحزبنا وبلدنا، وتحفيز الجهود الموحدة من الشعب؛  ثانبا، إنه أول الدورتين ينعقد بعد المؤتمر الوطني الـ20للحزب الشيوعي الصيني، يتم تحويل سلسلة من التخطيطات الاستراتيجية التي وضعها المؤتمر الوطني العشرين  إلى إرادة الدولة والعمل المشترك للشعب من خلال الإجراءات القانونية. على وجه الخصوص ، تم تحويل التخطيط الاستراتيجي لـ “التحديث الصيني النمط” المقترح في تقرير المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني إلى تنفيذ دقيق لسياسة الحكومة. والجدير بالذكر أنه تم التمرير على    القرار بشأن خطة الإصلاح لمجلس الدولة، مع توضيح تحسين وتعديل المسؤوليات المؤسسية في المجالات الرئيسية ، وتحسين وظائف الإدارة لمؤسسة الدولة ورفع كفاءتها الإدارية ومصداقيتها، وتعزيز تحديث منظومة الحوكمة وارتفاع قدرة الحوكمة. ثالثا، إنه أول الدورتين ينعقد بعد أن حققت الصين انتصارًا حاسمًا كبيرًا في مكافحة الجائحة. تم تخطط كيفية تنسيق  للأوضاع المحلية والدولية بشكل أفضل، وكيفية تنسيق بين مكافحة الجائحة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل أفضل، وكيفية تعزيز الانتعاش الاقتصادي بشكل متسارع، ويعد هذا أيضًا محور اهتمام العالم الخارجي للصين.

        يجلب استمرار واستقرار سياسات الصين الاستقرار والطاقة الإيجابية للعالم.

 يقدم اليقين السياسي واستقرار نواة القيادة ضمانا أساسيا لاستمرارية سياسات الصين. في الوقت الحالي، يتسارع تطور الوضع الذي لم يحدث منذ قرن من الزمان، تفشى الوباء، واندلعت الأزمة الاوكرانية، والقت بظلالها على العالم، وأصبح الوضع الدولي أكثر تعقيدًا واضطرابًا. وفي مواجهة عالم مضطرب ومتغير وتحديات غير مسبوقة، دفع ذلك جميع البلدان لتستكشف طرقًا للتكيف والتطور. أثبتت الدورتان للعالم أنه مع القيادة القوية للحزب الشيوعي الصيني ، الصين كالسفينة العملاقة تتحرك بثبات نحو الهدف المرجو تحقيقه، ويفتح آفاقا أوسع لمستقبل تحديث الصيني النمط. ، ضخت الصين من خلال استقرار نظامها وحكمها وسياستها وتنميتها  عوامل الاستقرار والطاقة الإيجابية للمجتمع الدولي.

ستقف الصين في الاتجاه الصحيح للتقدم التاريخي، سترفع عاليا راية السلام والتنمية والتعاون والكسب المشترك، وتعمق وتوسع الشراكة العالمية المتمثل في المساواة والانفتاح والتعاون، وتقدم مساهمات أكبر للرفاه المشترك للبشرية جمعاء من خلال معجزات تنميتها الجديدة.

يستمر حجم الاقتصاد الصيني في التوسع، مما يضخ زخما قويا لتحقيق استقرار وانتعاش الاقتصاد العالمي. في عام 2022، أمام الظروف الدولية الصعبة والمهمات الشاقة والثقيلة للإصلاح والتنمية وضمان الاستقرار داخل البلاد، اتحدت لجنة الحزب المركزية التي نواتها الرفيق شي جين بينغ مع أبناء الشعب بمختلف قومياتهم في البلاد وقادتهم في تحدي الصعاب والمضي قدما، والتنفيذ الشامل لمتطلبات ضرورة النجاح في مكافحة جائحة كورونا والحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي وضمان سلامة التنمية، نما إجمالي الناتج المحلي بمعدل 3٪، متجاوزًا المتوسط العالمي. وأتيحت فرص عمل جديدة لصالح 12,06 مليون شخص في المدن والبلدات،  وازداد إجمالي حجم الواردات والصادرات السلعية بنسبة 7,7٪، وبقي معدل العجز المالي عند 2,8٪، وحافظ ميزان المدفوعات الدولية على توازنه، وكان أداء أسعار صرف الرنمينبي (العملة الصينية) سليما نسبيا ضمن العملات الرئيسية عالميا. وبلغ إنتاج الحبوب الغذائية 685 مليون طن، بزيادة 3,7 مليون طن. ومع ملاحظة المنجزات التنموية المحققة، فإن أهداف التنمية الرئيسية المتوقع تحقيقها في هذا العام تثير تطلعنا: نمو إجمالي الناتج المحلي بمعدل زهاء 5٪، وتوفير فرص عمل جديدة لنحو 12 مليون شخص في المدن والبلدات، وإبقاء نسبة البطالة القائمة على أساس المسح في المدن والبلدات عند قرابة 5,5٪، وإبقاء معدل ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك عند حوالي 3٪، وتحقيق مواكبة نمو دخل السكان النموَ الاقتصادي من حيث الأساس، وإبقاء حجم الإنتاج من الحبوب الغذائية عند أكثر من 650 مليون طن. سيساهم استقرار ونمو الاقتصاد الصيني في تحفيز نمو التجارة العالمية و انتعاش الاقتصاد العالمي.

تخطو الصين خطوات كبيرة في الانفتاح على العالم الخارجي، وتفتح الفرص والمجالات للتنمية المشتركة لجميع البلدان. يعد الانفتاح على الخارج خطوة أساسية في تنمية الصين. في السنوات الخمس الماضية، لمواجهة تغيرات الظروف الخارجية، نفذنا إستراتيجية انفتاح أكثر نشاطا ومبادرة، لتحفيز الإصلاح والتنمية بقوة أكبر بالاعتماد على الانفتاح العالي المستوى. دفع رفع جودة الاستيراد والتصدير على أساس الحفاظ على استقرارهما،  وحسنا الخدمات المتعلقة بالعملات الأجنبية. وطورنا أشكالا جديدة من التجارة الخارجية، كما أنشأنا 152 منطقة تجريبية شاملة للتجارة الإلكترونية العابرة للحدود،  ودفعنا عملية تسهيل التخليص الجمركي، حيث قصرنا وقت الإفراج الجمركي عن الواردات والصادرات بنسبة 67٪ و92٪ على التوالي، وخفضنا المستوى العام للرسوم الجمركية من 9,8٪ إلى 7,4٪.  وعمقنا تجربة التنمية الابتكارية لتجارة الخدمات على نحو شامل، وأصدرنا القائمة السلبية لتجارة الخدمات العابرة للحدود. وحفزنا التشارك في بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، واتبعنا مبدأ السوق والقواعد المعمول بها دوليا، كما نفذنا مجموعة من المشاريع المتعلقة بالترابط والتواصل والتعاون في الطاقة الإنتاجية، مما حقق زيادة معدلها السنوي 13,4٪ في قيمة الواردات والصادرات السلعية بين بلادنا والبلدان الواقعة على امتداد “الحزام والطريق”، وعمق باستمرار تبادلنا وتعاوننا معها في كافة المجالات. وقعنا أو رقينا 6 اتفاقيات تجارة حرة، ورفعنا نسبة قيمة الواردات والصادرات السلعية مع شركاء التجارة الحرة من إجمالي حجم التجارة الخارجية لبلادنا من 26٪ إلى حوالي 35٪. وعملنا لحماية النظام التجاري المتعدد الأطراف ومعارضة الحمائية التجارية بكل عزم، والتعامل مع الاحتكاكات الاقتصادية والتجارية بشكل سليم، ودفع عملية تحرير وتسهيل التجارة والاستثمار.

 في عام 2023، ستواصل الصين توسيع انفتاحها رفيع المستوى على العالم الخارجي، وتعزيز التنمية المطردة للتجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي، ومواصلة إطلاق مزايا التنمية ، ومشاركة فرص التنمية مع العالم. لقد أصبح إجماعًا عالميًا على أن التنمية الصينية عالية الجودة ستضفي أهمية إيجابية مهمة على الاقتصاد العالمي.

تتمسك الدبلوماسية الصينية بالحفاظ على السلام العالمي وتعزيز التنمية المشتركة، وتقديم مساهمات أكبر لقضية السلام والتنمية العالميين والتقدم البشري. في اليوم الـ7 مارس، أجاب وزير الخارجية تشين قانغ على أسئلة الصحفيين الصينيين والأجانب حول سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية، حيث يعيد التأكيد مرة أخرى على أن الصين ستتمسك بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة بحزم، وتتمسك باستراتيجية الانفتاح المتسمة بالمنفعة المتبادلة والكسب المشترك بحزم، وتكون دوما من يبني سلام العالم ويساهم في التنمية العالمية ويحافظ على النظام الدولي.  في السنوات العشر للعصر الجديد، طرح الرئيس شي جينبينغ سلسلة من المبادرات والدعوات الهامة على التوالي، بما فيها إقامة مجتمع المستقبل المشترك للبشرية والتعاون في بناء “الحزام والطريق” والقيم المشتركة للبشرية جمعاء ومبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي. في اليوم الـ15 مارس، انعقد  مؤتمر الحوار الرفيع المستوى بين الحزب الشيوعي الصيني وأحزاب العالم، حضر فيه الرئيس شي جينبينغ وألقى فيه الكلمة الرئيسية،  حيث طرح مبادرة الحضارة العالمية، والدعوة إلى إحترام التنوع الحضاري العالمي بصورة مشتركة، والتمسك بالمساواة والاستفادة المتبادلة والحوار والتسامح بين الحضارات، والدعوة إلى التواصل بين الحضارات بدلا من القطيعة بينها، والاستفادة المتبادلة بدلا من الصراعات، والتسامح بدلا من الشعور بالاستعلاء.

— الدعوة إلى إعلاء القيم المشتركة للبشرية بصورة مشتركة، السلام والتنمية والعدالة والدمقراطية والحرية هدف مشترك لكافة شعوب العالم. ويجب فهم معرفة مختلف الحضارات بالقيم بعقلية منفتحة، وعدم فرض قيم وأنماط أنفسنا على الآخرين، وعدم اللجوء إلى المجابهة الأيدولويوجية.

— الدعوة إلى الابتكار والتوارث في الحضارات بصورة مشتركة، والاستفادة القصوى من القيم العصرية لتاريخها وثقافاتها، والدفع بالثقافات التقليدية الممتازة لمختلف الدول أن تلعب دورا في التحول الحلاق والتنمية المبتكرة لعمليات تحديث الدول.

— الدعوة إلى تعزيز التواصل والتعاون الثقافي الدولي بصورة مشتركة، ودراسة إمكانية إنشاء شبكة الحوار والتعاون بين الحضارات العالمية، وإثراء محتويات التواصل، وتوسيع قنوات التعاون، بما يعزز التفاهم والتعارف بين شعوب العالم ويدفع بتقدم الحضارة البشرية سويا.

وتكون الفكرة المحورية لكل هذه المفاهيم هي أن جميع الدول تعتمد على بعضها البعض، والبشرية تشترك في مستقبل واحد، والمجتمع الدولي يجب عليه أن يتضامن ويتعاون.

ستأخذ الدبلوماسية الصينية تعددية الأطراف كسبيل، لدفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية ودمقرطة العلاقات الدولية ، ورفض بكل حزم الهيمنة وسياسة القوة أيا كان شكلهما، ورفض بكل حزم عقلية الحرب الباردة والمواجهة بين المعسكرات والقمع والاحتواء،  ودفع تطور الحوكمة العالمية نحو اتجاه أكثر إنصافا وعدلا، بما يوفر مزيدا من الحكمة الصينية والحلول الصينية في ظل التحديات المشتركة التي تواجه البشرية جمعاء.

الدورتان توفر فرض جديدة للعلاقات الصينية التونسية. تستعد الصين، بعد الدورتان، بكل جد وفاعلية، لخوض نضالات جديدة نحو بناء نمط تنموي جديد يتميز بالجودة العالية، وتسريع في نسق التحول الأخضر لنمط التنمية. كما ستكون السوق الصينية في ارتباط وثيق بالعالم الخارجي، وسيزداد، تبعا لذلك طلبها على السلع والخدمات عالية الجودة من مختلف الدول، إن انفتاح وازدهار الصين سيجلب المزيد من مكاسب التنمية إلى الدول الأخرى بما في ذلك تونس. في نهاية العام الماضي، أجرى فخامة الرئيس شي جينبينغ مقابلة تاريخية مع فخامة الرئيس قيس سعيد أثناء الدورة الأولى للقمة الصينية العربية، حيث توصل الجانبان إلى توافق هام لتطوير العلاقات الثنائية، وأكد الجانبان ضرورة  تطوير التعاون بما يعود بالفائدة الأوفر والأفضل على الشعبين والبلدين. إن الإشارات الإيجابية التي بعثتها الدورتان ستخلق ظروفا أكثر ملاءمة لترجمة التوافق الهام الذي توصل إليه رئيسا البلدين إلى أرض الواقع. ظلت الصين وتونس صديقين وشريكين عزيزين، إن الصداقة  بين البلدين موروثة من طريق الحرير البحري القديم، وتطور في النضال الشاق لكسب الاستقلال الوطني والتحرر القومي. نحن اليوم في نقطة انطلاق تاريخية جديدة، تتطلع الصين من خلالها إلى التكاتف مع تونس لخلق مستقبل أفضل. نحن اليوم مدعوون لمواصلة تعزيز المبادلات الثنائية على جميع المستويات، وزيادة دعم المبادلات، وتمتين أواصر الثقة السياسية المتبادلة باستمرار بما يمكن من دفع العلاقات الثنائية إلى مستويات أرفع. مع حلول الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وتونس سنة 2024 وتنفيذ تنائج القمة الصينية العربية الأولى، لنعمل سويا تعزيز الالتحام الاستراتيجي حتى نجعل منها فرصة متجددة لتعزيز التعاون في مجالات البنية التحتية والصحة والسياحة والتنمية الخضراء والتبادلات الإنسانية، ونسهم بذلك في الارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستويات أرفع،  بما يعود بالفائدة على الشعبين والبلدين بشكل أفضل.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

The reCAPTCHA verification period has expired. Please reload the page.