المنبر التونسي (هل تنجح حكومة الرئيس) – تعهّد رئيس الجمهوريّة قيس سعيد بموجب الدستور بتكليف شخصية لتشكيل حكومة جديدة، لتعود المشاورات السياسية في تونس الى الواجهة من جديد هذا الأسبوع، وذلك بعد سحب البرلمان التونسي الثقة من الحكومة المقترحة من طرف الحبيب الجملي والذي كلفه حزب حركة النهضة الاسلامي بتشكيل الحكومة بعد فوزها في الانتخابات التشريعية.
وسيكلف الرئيس وفقا للدستور في غضون 10 أيام “الشخصية الأقدر” لتولي تشكيل حكومة بالتشاور مع الأحزاب والكتل البرلمانية.
ووجه قيس سعيد مراسلة الى الاحزاب دعاهم فيها الى تقديم مقترحاتهم مكتوبة حول الشّخصيّة أو الشّخصيات الّتي يرتؤون أنّها الأقدر من أجل تكوين حكومة، مع بيان دواعي هذا الاختيار والمعايير الّتي تمّ اعتمادها في ذلك، على أن يكون هذا في أجل قريب لا يتجاوز يوم الخميس 16 من شهر جانفي الجاري.
وشدد سعيد على ان تقديم المقترحات في أسرع الأوقات سيتيح مدّة كافية لمزيد تعميق المشاورات في احترام كامل للمدّة الّتي نصّت عليها الفقرة الثالثة من الفصل التاسع والثمانين من الدّستور.
مشاورات مكثفة بين أحزاب سياسية وكتل برلمانية في تونس
واثر إسقاط البرلمان التونسي حكومة النهضة المقترحة الجمعة الفارط، انطلقت الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية في التشاور حول الأسماء التي سيتم اقتراحها على الرئيس التونسي خلال المشاورات..
وفي هذا الصدد قال النائب عن حركة الشعب خالد الكريشي أن الحركة تنتظر دعوة رئيس الجمهورية التونسي قيس سعيد بخصوص مشاورات اختيار “الشخصية الأقدر” التي ستتولى تشكيل الحكومة الجديدة.
وأضاف الكريشي أن حركة الشعب ستقوم بمشاورات رسمية مع التيار الديمقراطي والكتل البرلمانية الاخرى للاتفاق حول 3 او 4 اسماء سيتم تقديمها لرئيس الجمهورية التونسي واختيار الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة.
وأشار الكريشي إلى أن الشرعية الدستورية تقتضي ان يقوم رئيس الجمهورية باختيار الشخصية والتوافق بخصوصها مع الكتل وفق معايير الاستقلالية الحقيقية والكفاءة والخبرة والنزاهة وتكون بعيدة كل البعد عن اي شبهة من شبهات الفساد او محل تتبع قضائي.
وفي نفس سياق مشاورات تشكيل الحكومة، أعلن حزب التيار الديمقراطي أن مجلسه الوطني سينعقد غدا الثلاثاء، بالعاصمة تونس للنظر في التمشي الذي سيلتزم به المكتب السياسي للحزب خلال مشاورات تشكيل الحكومة.
وأكد النائب عن التيار الديمقراطي ، غازي الشواشي أنّ المجلس الوطني هو أعلى مؤسسّة بالحزب ومن صلاحياته تحديد السياسات العامّة والتوجهات التي سيتوخاها الحزب والنظر في التحالفات السياسية الممكنة.
وسيحدد اجتماع المجلس الوطني للتيار السيناريوهات الممكنة التي سيعمل على تحقيقها الحزب.
وانطلقت المشاورات بين الكتل السياسية في البرلمان التونسي، حيث قال الناطق الرسمي باسم كتلة المستقبل بمجلس نواب الشعب عصام البرقوقي، إن كتلة المستقبل بصدد التشاور مع كتل قلب تونس وتحيا تونس والإصلاح الوطني، من أجل الذهاب بموقف موحد للمشاورات مع رئيس الجمهورية بخصوص عملية تشكيل الحكومة القادمة.
وأكّد عصام البرقوقي في تصريح رسمي لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، إمكانية انفتاح هذه المشاورات على بقية الكتل البرلمانية.
ويشار إلى أن كتلة المستقبل 9 نواب، ويرأسها النائب عن حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري عدنان بن ابراهيم.
بعد سقوط حكومة النهضة ..قيس سعيد لاعب أساسي وموازين القوى تتغير
بعد فشل الحبيب الجملي الذي اختارته النهضة لتشكيل الحكومة في الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب وذلك لعدم الاقتتاع باعضاء الحكومة المقترحين من جهة، واعتبار البعض أن الجملي ليس مستقلا مثلما روج لذلك حزب النهضة الإسلامي ويتخفى بغطاء الاستقلالية تحت انتماء حزبي، أصبح الرئيس التونسي قيس سعيد يملك زمام المبادرة السياسية.
وفي هذا الصدد، قال عبد الرزاق المختار أستاذ القانون الدستوري ان عناصر اللعبة السياسية تغيرت.
واوضح أستاذ القانون الدستوري والقانون العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بسوسة عبد الرزاق المختار أن الفصل 89 في الفقرة الثالثة ينص على أنه عند تجاوز الأجل المحدد (شهرين) دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
وتابع المختار أن رئيس الجمهورية قيس سعيد يجلب الاهتمام، اليوم، وهو يعتبر لاعب اساسي في مسار تشكيل الحكومة خلافا للفرضيات السابقة حيث كان للحزب الفائز بالاغلبية في الانتخابات وهو النهضة الحق في اختيار رئيس الحكومة،وبعد تأزم مسار تشكيل الحكومة وعدم منحها الثقة ،يختار الرئيس “الشخصية الاقدر”، وهي ليست معرّفة دستوريا،وفق محدثنا، ولكنها تفهم بالمعنى الوظيفي لها ، فالشخصية الاقدر على تشكيل الحكومة يجب أن تكون قادرة على تمريرها في البرلمان.
وأضاف أن مسالة تكليف الشخصية الاقدر بمشاورات التكليف اجبارية دستورية ويجب القيام بها وليس بالضرورة الالتزام بها بمعنى أنها عملية تسمح لرئيس الجمهورية تقدير الموقف السياسي وعناصره وفاعليه وهو يلزم بالمشاورات وليس ملزما بنتيجة المشاورات التي هي عبارة عن استشراف ما تراه الاحزاب انه الشخصية الاقدر ومواقفها.
وأشار إلى أن المشاورات لاختيار الشخصية هي مجرد عملية تقدير للموقف السياسي على ضوءه يمكن تحديد الموقف النهائي، ويقوم باستشارة الكتل والاحزاب وتتوسع المشاورات لتشمل شخصيات وطنية ..
واعتبر أن دخول رئيس الجمهورية التونسي على الخط يجعل المعادلة السياسية تختلف، خاصة وأن النهضة الحزب الفائز كانت مكلفة باختيار رئيس الحكومة وتكوين حكومتها، و أصبح هناك اعادة صياغة موازين القوى وعناصر اللعبة السياسية تغيرت، حيث كانت داخل البرلمان وأصبحت خارجه، وهو ما يجعل قيس سعيد أمام مسؤويلة سياسية يتحمل عناصر اختياراته.
وأكد أن عدم مرور ما يعرف بـ“حكومة الرئيس” يعني الدخول في مرحلة حل البرلمان وانتخابات سابقة لاوانها، وهو خيار دفعت نحوه بعض الاطراف ولكنها لا تتحكم في نتائجه ، وهو ما يعتبر مقامرة سياسية لأن من اعطى لطمة سياسية للنهضة ليس من المضمون أنهم لا يلطمون وفق قوله.
وشدد محدثنا على أن رئيس الجمهورية رجل قانون ويتوجب عليه احترام فرضيات القانون الآجال المحددة حيث أنه يجب اختيار شخصية في ظرف 10 ايام لتتولى تشكيل الحكومة في ظرف شهر.
هل تنجح “حكومة الرئيس” في تونس؟
يتولى رئيس الجمهورية حسب الفصل 89 من الدستور، في أجل 10 أيام، التشاور مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر التي تقوم بتكوين حكومة في أجل أقصاه شهر ثم التصويت عليها ومنحها الثقة، وإن تعذر ذلك يتم حل مجلس نواب الشعب والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها.
ويرى كثيرون أن “حكومة الرئيس” ستنجح في إخراج تونس من عنق الزجاجة وستتشكل حكومة جديدة بإدارة قيس سعيد وسيكون لها دعم سياسي قوي باعتبار أنه في حالة الفشل مرة أخرى في تكوين حكومة، فإنه بحسب الدستور، سيكون الخيار في حل الرئيس البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة “في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يوما.
ومن جهته قال غازي الشواشي، في تصريحات اعلامية، أنه ليس من مصلحة البلاد إعادة الانتخابات خاصة وأنها غير جاهزة لذلك معتبرا أن نتائجها لن تشهد تغييرا بسيطا.
وأكد الشواشي تنازل حزبه عن الشروط التي وضعها سابقا لدخول حكومة حبيب الجملي وأن حزبه سيقدم تنازلات اخرى من ضمنها ايجاد أرضية للتوافق مع جميع الأطراف بما في ذلك قلب تونس، وعلى حزبه وجميع الاحزاب أن تتعلم الدرس من فشل تشكيل الحكومة في المرحلة الاولى لتدخل المرحلة الثانية والاخيرة بايجابية وتتجنب التجاذبات والخلافات الجانبية وتضع مصلحة البلاد كأولوية وفق قوله.
وقال النائب عن ائتلاف الكرامة سيف الدين مخلوف، أن الأحزاب التي رفضت التصويت لصالح منح الثقة لحكومة حبيب الجملي ستصوت بنعم للحكومة القادمة حتى لو أعيد تكليف حبيب الجملي.
وأضاف سيف الدين مخلوف في تدوينة على صفحته الرسمية بالفايسبوك ” سيصوتون في المرة القادمة حتى لو أعيد تكليف الجملي وأعاد هو اختيار نفس فريقه الحكومي … الكرسي ثم الحزب ثم الوطن”.
ودعا،من جهته، حزب المؤتمر من اجل الجمهورية رئيس الجمهورية التونسي “لتحمل مسؤوليته الكاملة في انجاح المسار الانتقالي واخراج البلاد من ازمتها والتصدي لعبث المتلاعبين بأمن تونس ومصلحتها العليا وذلك عبر ختم القانون الانتخابي واختيار الشخصية الاقدر على تشكيل حكومة وحدة وطنية مفتوحة لكل القوى السياسية المؤمنة باستحقاقات الثورة وعلى راسها الدفاع على السيادة الوطنية والحرب على الفساد والفقر والبطالة وتكرس قطيعة حقيقية مع سياسات الحكومات السابقة”.
وحمل حزب المؤتمر في بيانه الصادر بعد اجتماع اعضاء الهيئة السياسية في نهاية الاسبوع الماضي كل الاحزاب الفائزة في انتخابات 2019 “المسؤولية الكاملة عن الفشل في تشكيل الحكومة وذلك بسبب بحثها عن التموقع وخضوع بعضها لاملاءات اجنبية على حساب المصلحة الوطنية “.
ويرى مراقبون أن الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس قيس سعيد تحتاج لحزام سياسي قوي من اجل نيل ثقة طيف واسع من نواب الكتل السياسية في البرلمان لتنفيذ البرامج والاصلاحات الكبرى امام التحديات الاقتصادية والاجتماعية في تونس.