المنبر التونسي(الصحبي بن فرج) – نشر النائب السابق الصحبي بن فرج تدوينة كخارطة طريق للخروج باقل الاضرار من مازق تونس اليوم نحو الجمهورية الثالثة.
وفي ما يلي نص التدوينة:
“قبل أن يقع الطوفان دستور 2014، القانون الانتخابي، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مرسوم الاحزاب والجمعيات، المراسيم المنظمة للاعلام.، المحكمة الدستورية، الهيئات الدستورية…..
كل هذه المنظومة القانونية التي تدير الحياة السياسية التونسية، يجب أن تتغير هذه المنظومة أنتجت ثلاث مجالس نيابية فاشلة وكل مجلس أفشل من الذي سبقه، والمجلس الحالي أبلغ مثال هذه المنظومة تنتج وتدار من قبل منظومات حزبية إما فاشلة وإما عاجزة عن المنافسة وأغلبها مرتبطة بمراكز القوى والمال والنفوذ في الداخل والخارج هذه المنظومة أنتجت 10 حكومات فاشلة كليا او جزئيا، لانها قامت جميعها بدون استثناء على المحاصصة والاقطاعية في المناصب الحكومية، ولان أغلب رؤساؤها ووزراؤها مسكونون فقط بهاجس البقاء في المنصب وبالتالي يحرصون على خدمة مصالح احزابهم ومراكز القوى أكثر من مصالح شعبهم.
من السذاجة أن نتوقع أي إنجاز من أي حكومة مهما كانت، ومهما كان أعضاؤها ومهما كانت نواياهم حسنة هذه المنظومة حوٌلت ممارسة السياسة الى نوع من المقاولة: يكفي ان تتحصل على مجموعة من النواب بأكبر البقايا، حتى يصبح لك موطئ قدم في الحكومة ثم بعد ذلك تسرح في ملك ربي: مستشارين، ولاة ومعتمدين ومدراء عامين ، رؤساء اقاليم ، رؤساء مناطق…….
هذه المنظومة القانونية والحزبية أنتجت طبيعيا وضعا اقتصاديا على حافة الهاوية فجاءت الكورونا لتدفع بالجميع الى قاع الهاوية بفضل الانفجار الاجتماعي القادم لا محالة حركة النهضة التي وضعت أسس هذه المنظومة وعضٌت عليها بالنواذج طيلة تسع سنوات وفي حسابها أن تضمن سيطرتها على الحكم مهما كانت الضروف، تجد نفسها أسيرة هذه المنظومة، لا هي قادرة فعليا على الحكم وممارسة السلطة(حكومة الجملي، حكومة الفخفاخ) ولا غيرها قادر على تغييرها بالآليات الدستورية الطبيعية لانها أحكمت إغلاقها جيدا وتتهم كل من يقترب منها لاصلاحها بالانقلاب، والعمالة، ومعاداة الثورة، والاقصاء……. دون أن ننسى حروب الخلافة التي تعصف بالقلعة وتضعفها من الداخل .
اللافت اليوم، ان حركة النهضة تجد نفسها تقريبا لوحدها في مواجهة مطالب التغيير وهي في هذه الحالة من الضعف والانقسام لا حل اليوم الا بنهاية هذه المنظومة برمتها والانتقال الى الجمهورية الثالثة بالتوافق بين الجميع وتحت رعاية سامية ومحايدة تضمن سلمية الانتقال ونجاعة التعديلات المطلوبة: تسجيل آلي لجميع التونسيين في القوائم الانتخاببة، إقتراع على الافراد وعلى دورتين لإفراز أغلبية قادرة على الحكم، سلطات أوسع لرئيس الجمهورية المنتخب، برلمان فاعل وناجع بغرفتين متخصصتين وبأقل عدد من نواب وبإمكانيات حقيقية ، حكومة فعلية مطلقة اليدين وليس فقط واجهة لأحزابها و قادرة على اتخاذ القرار وعلى الاصلاح ، قانون أحزاب صارم يكافئ الاحزاب المجتهدة ويعاقب الجماعات المارقة، قانون جمعيات حازم يراقب تمويلها و يمنع التداخل مع العمل السياسي، وقانون إعلام ديموقراطي يضمن التنافس النزيه و يمنع التلاعب بالراي العام والخلط بين السياسة والمال والاعلام.
ليس أمام الطبقة السياسية الحالية سوى هذا التمشي والا فعليها أن تنتظر وتراقب وتتحمل تحرك الشارع الغاضب في ظل أزمة خانقة وآفاق سياسية مسدودة، علما بأنه لا أحد بإمكانه توقع مآلات الفوضى في الشارع وعلما أيضا بأن هذه الطبقة السياسية وبلا استثناء ، فاقدة للمصداقية وأغلبها مكروه لدى هذا الشارع ولا تأثير لها عليه نتيجة عجزها وعبثها وايضا نتيجة عشر سنوات من عمر هذه المنظومة السياسية والقانونية الفاشلة إما جمهورية ثالثة سلمية تؤسس لوطن عادل للجميع وبإتفاق الاغلبية مع ما يعني ذلك من تنازلات وحلول وسطى وإما فوضى عارمة ومنفلتة ومجهولة العواقب قد تسقط السقف على الجميع…… وبدرجات مختلفة”..