المنبر التونسي (المجلس الوطني للحوار الاجتماعي) – حظي مشروع القانون المتعلق بإحداث مجلس وطني للحوار الاجتماعي وبضبط مشمولاته وكيفية تسييره، المعروض، يوم الثلاثاء 11 جويلية 2017، على الجلسة العامة بمجلس نواب الشعب، بموافقة 121 نائبا واحتفاظ نائب واحد، ودون تسجيل أي اعتراض.
وتركز النقاش خلال الجلسة على مسائل تعلقت أساسا بمعايير التمثيل صلب المجلس، حيث اعتبر عدد من النواب في مداخلاتهم أن الإشكال في هذا المستوى يكمن في طريقة تحديد المنظمة الأكثر تمثيلا باعتبار أن القانون التونسي يفتقر حاليا لنص يضبط معايير دقيقة للتمثيلية النقابية. وشدد المتدخلون، في هذا الإطار، على أن الحوار قاعدته توسيع الاستشارة لا تضييقها أو إغلاق الباب أمام بعض الأطراف الاجتماعية.
كما تناول النقاش ما اعتبره بعض النواب إشكالا دستوريا يطرحه إحداث المجلس الوطني للحوار الاجتماعي والمتمثل في وجود تداخل بين مهامه وصلاحيات هيئة التنمية المستدامة.
في حين ثمن عدد من النواب، في مداخلاتهم، مبادرة تركيز المجلس الوطني للحوار الاجتماعي التي رأوا أنها توفر إطارا مهما لتنقية المناخ الاجتماعي، مؤكدين على ضرورة إنجاح هذه التجربة واستغلالها للتسويق للتجربة الديمقراطية في تونس بما يجعلها نموذجا يحتذى به في الوطن العربي.
وفي تفاعله مع تدخّلات النواب، بيّن وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي في علاقة بطرح إشكالية دستورية القانون المحدث للمجلس الوطني للحوار الاجتماعي، أن الفصل الأول من مشروع هذا القانون ينص على تمتيع المجلس بالاستقلالية المالية والإدارية وعلى إلحاق ميزانيته ترتيبيا بالميزانية العامة للدولة، وبالتالي فهو يخضع في أنشطته، وفق الفصل 22، إلى نظام الصفقات العمومية ومجلة المحاسبة العمومية، وهو ما يعني أنه سيتخذ شكل مؤسسة عمومية ذات صبغة إدارية.
وأوضح الطرابلسي، في هذا الخصوص، أن النظام القانوني للمجلس الوطني للحوار الاجتماعي يحتوي على خصوصيات غير متوفرة لدى المؤسسات العمومية المعهودة في القانون التونسي خاصة من حيث المهام الموكولة إليه ومن حيث تركيبته، وباعتباره لا يتبع أية سلطة على غرار بقية المؤسسات العمومية، وتبعا لهذه الخصوصيات يمثل المجلس صنفا جديدا مستقلا بذاته عن الأصناف المعهودة من المؤسسات العمومية مما يدخل إحداثه في باب ما اقتضته المطة الأولى من الفصل 65 للدستور التونسي على غرار القانون المنظم للمجلس الوطني للهجرة.
النقطة التي أثارها عدد من النواب والمتعلقة بالتداخل المحتمل بين مهام المجلس وهيئة التنمية المستدامة، أكد الوزير أنه لا وجود لأي تداخل لاعتبار أن مرجع نظر هذه الأخيرة واسع للغاية على عكس مشمولات المجلس. وأـوضح أن هذا الأخير ذو تركيبة ثلاثية متوازنة بين الحكومة ومنظمات أصحاب العمل والعمال، استجابة لأحكام العديد من اتفاقيات العمل والعمال فيما يهمّ المسائل الاجتماعية، وفي هذا الإطار فإن الحكومة ترأس هذا المجلس لا كسلطة بل كأحد أطراف الإنتاج.
أما فيما يخص معايير التمثيل في المجلس، أشار الوزير إلى أن التعددية النقابية وفلسفة منظمة العمل الدولية لا تعتمد التمثيلية النسبية وإنما تنزع إلى النقابة الاكثر تمثيلا، موضحا أنه سيتم الاعتماد في تحديدها على إلاحصائيات المتوفرة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية بالإضافة إلى تصريحات المنظمات النقابية بعدد المنخرطين فيها، باعتباره مقياسا أساسيا في تحديد التمثيلية التي تقوم مؤشراتها أيضا، على مدى الانتشار الجغرافي والانتشار القطاعي واستقلالية التنظيم وتأثير المنظمة على الفئة التي تمثلها.
وأشار محمد الطرابلسي، في هذا الإطار، إلى أهمية عدم الخلط بين المنظمة النقابية والطرف الاجتماعي الذي يخضع تحديد الانتماء إليه إلى مقاييس أخرى، مذكرا بان القانون التونسي يفتقر حاليا لنص يضبط معايير دقيقة للتمثيلية النقابية التي تعكف الوزارة حاليا على ضبطها بما يتماشى ومقتضيات القانون الدولي.