دخلت على مجتمعنا اليوم موجة من المصطلحات الجديدة التي اختلفت الآراء حولها. الارهاب السياسي، الارهاب الاقتصادي، الارهاب الغذائي، وغيره. هذه الأخيرة أصبحت حقيقة ثابتة تزعزع استقرار بلادنا وتنخر اقتصادنا وتنخر بصحة المواطن.
ففي الأيام القليلة الفارطة، شهد الارهاب الغذائي أو ما يسمى بالفساد في القطاع الغذائي غير مسبوق لكميات كبيرة من المواد الغذائية الفاسدة وغير صالحة للاستهلاك.الأمر الذي دفع بالأطراف المعنية بالشأن من وزارتا الصحة والتجارة والفلاحة الى جانب مكونات المجتمع المدني الى طرح المسألة بجدية والتفكير في حلول.
مجلة “آخر خبر الاقتصادية”، بحثت في الموضوع بدقة عبر سبر آراء المواطن التونسي الذي يعدّ المتضرر الأول من الارهاب الغذائي، من خلال الروبرتاج التالي.
الارهاب الغذائي ، هذا المصطلح الجديد القديم أصبح يمثّل محور حديث المستهلك والتاجر وأغلب شرائح المجتمع، وقد تمحورت تساؤلاتهم حول ماهية الارهاب الغذائي في تونس: ماهي أسبابه، وماهي مخاطره وكيف يمكن التصدي اليه، ومن وراءه؟
في جولتنا في السوق المركزي، تردّد أغلب التجار الادلاء بتصريحاتهم في محاولة لتشخيص واقع الارهاب الغذائي كظاهرة وخيمة تنخر الاقتصاد الوطني والمتهم رؤوس المال ورجال الأعمال، خوفا على أرزاقهم.
توفيق السلطاني: عامل بشركة
يعرف الارهاب الغذائي أنه لا يقل خطورة عن الارهاب السياسي باعتباره يضر بصحة المواطن وبالاقتصاد الوطني، فالإرهاب السياسي هدفه واضح ويمكن مقاومته من طرف رجال الأمن والجيش. اما الارهاب الغذائي، فهو مسالة معقدة متشعبة يصعب التصدي اليها إلا بتظافر جميع الجهود من وزارات ونقابات صحية ومواطنين وجمعيات مدنية الى غيرها. من جهة أخرى، على المواطن ان يعي بخطورة الامر ويمتنع على شراء السلع المهربة التي لا نعلم مصدرها.
لطفي بن صالح: تاجر مواد غذائية
لقد ظهر الارهاب الغذائي في بلادنا بسبب المتطفلين والدخلاء عن التجارة خصوصا في بيع المواد الغذائية مثل بائعي الفواكه الجافة والباعة المتجولين الأمر الذي شتت فرق الأبحاث الاقتصادية. وللإشارة فان هؤولاء الدخلاء لا يفكرون سوى في تحقيق الربح المادي عبر بيع سلعهم المغشوشة دون الأخذ بعين الاعتبار صحة المواطن. في هذا الإطار يجب تكثيف عدد الاعوان المكلفين بالمراقبة الصحية والأبحاث الاقتصادية مع تسليط العقوبات اللازمة على المخالفين وتطبيق القانون. وهذا شرط أساسي للتصدي الى ظاهرة الارهاب الغذائي.
محمد المنصف البوخاري: معلم متقاعد
يعتبر الارهاب الغذائي فيروس ينخر بمجتمعنا وباقتصادنا الوطني، حيث استغل ممتهنوه الظروف الاجتماعية التي يعيشها المواطن التونسي من بطالة وفقر وتهميش للتاثير عليه قصد الاستهلاك او البيع خارج نقاط البيع القانونية.
ويعرف مصطلح الارهاب الغذائي بالمواد الغذائية التي لم تدخل السوق التونسية عبر مسالك التوزيع وإنما عبر طرق ملتوية وتكون هذه الأخيرة فاسدة غير قابلة للاستهلاك أو منتهية الصلوحية. وللتوضيح فقد استطاع العديد من ممتهني الارهاب الغذائي الدخول الى الاسواق التونسية و دون أن تكون لفرق المراقبة الصحية أو فرقة الابحاث الاقتصادية علما بذلك، وهذا خطير للغاية.
في اعتقادي، يتحمل المواطن التونسي المسؤولية لانه يساهم مباشرة في تزايد ظاهرة الارهاب الغذائي من خلال شرائه لمواد غذائية غير مطابقة للمواصفات والمعايير الصناعية والصحية. بالاضافة الى ذلك، إن حماية صحة المواطن واقتصادنا الوطني من كارثة الارهاب الغذائي هي مسؤولية مشتركة بين أطراف المراقبة الصحية والاقتصادية من جهة والفرق الأمنية من جهة أخرى.
رمزي: تاجر بالسوق المركزي
يعتبر الارهاب الغذائي أقوى من الارهاب السياسي، فما نشهده اليوم من ارتفاع الأسعار وتدهور المقدرة الشرائية للمواطن يفسر حجم الكارثة الاقتصادية التي تعوم بها بلادنا. ويفسر الارهاب الغذائي بالسلع الفاسدة التي تدخل أسواقنا حيث يصبح المواطن يلهف على شرائها بدون التفكير في صحته.
من جهة أخرى، لقد ساهمت اللوبيات وأصحاب الفساد في تفشي ظاهرة الارهاب الغذائي محتكرة بذلك الاسواق التونسية. وللاشارة فان اغلب المواد المدعمة التي تخضع للبيع المشروط هي الأكثر فسادا. كما نجد في الاسواق الموازية العديد من المنتوجات الغذائية التي تضر بصحة المواطن كالشكلاطة والاجبان والدجاج واللحم والمشروبات وغيرها.
مهدي التايب: جزار
ان الارهاب الغذائي ليس مفهوما جديد على المواطن التونسي، لأننا اصبحنا نتحدث عنه في جميع الحاجيات الأساسية من مواد غذائية، مواد تنظيف، مواد تجميل، وغيرها. فنحن كتجار بالسوق المركزي نخضع يوميا الى التراتيب البلدية وتعاليمات الفرق الاقتصادية والصحية ولهذا السبب لم يشهد المواطن مشاكل صحية عند شرائه لمنتوجاتنا سواء اللحوم أو الغلال أو الخضر أو غيرها. لكن الاشكال الحقيقي الذي أدى بنا الى تزايد ظاهرة الارهاب الغذائي يكمن في التجار والدخلاء على المهنة الذين لا يشملهم القانون ولا تقلقهم المراقبة الاقتصادية باعتبارهم اصحاب نفوذ ورؤوس أموال.
من جهتة أخرى، يتحمل المواطن التونسي المسؤولية الأولى لأنه يفضل الشراء السلع بثمن بخس على حساب صحته، وهذا خطير للغاية ويجدر تكثيف الحملات التوعوية والتحسيسية لتوعيته بمخاطر الارهاب الغذائي.